‏شهيدها

من البحر البسيط

2/4/20251 min read

يا نائحَ الوَجدِ هل غسَّلتَ مَن ذُبِحا؟

دمٌ طَهورٌ بلا ذنبٍ لهُ سُفِحا

ما زالَ غضًّا بصيرًا لا يَرى حُجُبًا

وقلبُهُ في بحارِ العشق ما سَبَحا

يَدنو لبحرِ الهوى والصَّمتُ دَيدَنُهُ

وحُسنُهُ بسوادِ اللَّيلةِ اتَّشَحا

مِن بَعدِ عُمرٍ بأرضِ التِّيهِ ضيَّعَهُ

القلبُ نحوَ جميلٍ هائمٍ نزَحا

قلبٌ كطيرٍ هوَى في دَوحِ صائدِهِ

رغمَ السِّهامِ عن المحبوبِ ما برِحا

خناجرُ الشَّوقِ لم تَرأَفْ بحالتِهِ

أما رأَيتَ طريحًا بالنَّوى جُرِحا؟

لم يَشكُ قسوةَ آلامٍ تُبَرِّحُهُ

أو يَشك من لوعةٍ أو يَصحبِ التَّرَحا

مِن عمقِ ليلِ النَّوى يَصبو لعاشقةٍ

وباتَ يَرسُمُ مِن آهاتِهِ فرَحا

يَنالُ طعمَ لذيذِ العشقِ مِن دمِهِ

مَن يُوقِفُ الفارسَ المِغوارَ إذ جمَحا؟!

يُطارِدُ النَّجمَ في دربِ الهوى أملًا

تَراه مثلَ خيالٍ عاشقٍ شبحا

شَهباؤُهُ نحوَ نورِ الفجرِ سائرةٌ

أَرخَى العِنانَ لها وَجدًا وما كبَحا

طارَت بعيدًا ولم تُدرَكْ عوالمُها

وعزفُها حيث نَجمٌ طارقٌ صدَحا

فمالَتِ الرُّوحُ عَطشَى تَرتَوِي رُشَفًا

والصَّدرُ أَمسَى بكأسِ الرَّاحِ مُنشَرِحا

أَمضَى اللِّقاءَ وهمسُ الخِلِّ يسكرُهُ

بكأسِ عشقٍ من التقبيل قد طفَحا

صلٌى الهوى وحبيب الروح قبلته

كأنَّهُ في ليالي العاشقين صحا

آياتُ عشقٍ كما القرآنِ رتَّلَها

فبانَ سرُّ عذابِ الطينِ واتَّضَحا

لم يَفضَحِ السِّرَّ أو يَكشِفْ مكامنَهُ

لكنَّهُ بعيون العشق قد نصَحا

بجَفنِ عينيه لاحَت بعضُ قصته

فالصَّبُّ يَبدو بعينِ الشَّوقِ مُفتَضَحا

أحلامُهُ مثلَ خدِّ الوردِ مُزهِرةٌ

وفي المنامِ بقربِ المُصطَفَى اصطبَحا

وراحَ يَرقُصُ في الآفاقِ مُبتَهِجًا

كبلبلٍ نحوَ دوحٍ وارفٍ جنَحا

بالدَّمعِ ناجَى حبيبَ الرُّوحِ: يا مدَدي

والبابُ من طرقِ كفِّ السائلِ انفتحا

لسانُ حالتِهِ للهِ مُبتَهِلٌ

ومَن سواهُ ذنوبَ العاشقينَ محا؟!

فعفوُهُ ماحِقٌ للذَّنبِ غافِرُهُ

موجٌ يَكرَّ على الشُّطآنِ مُكتَسِحا

مَن قبَّلَ الحُورَ يُدرِكْ سرَّ مَن سُحِروا

فضمَّةُ الصَّدرِ في ليلِ الغرامِ ضُحى

لا تَشكُ نارَ غرامٍ رغمَ لوعتِها

خمرُ الجِنانِ بكاساتِ اللَّظى مُنِحا

واهجر حديث الهوى وانظر لمن عشقوا

لم يعرف الصبرَ مَن بالنَّارِ ما لُفِحا ؟

فالنَّفسُ مشكاةُ نورٍ في تلوّعها

مِصباحُها في لهيبِ القبلةِ انْقَدَحا

واسعَدْ بخلِّكِ والْثمْ ثغرَهُ شغفًا

إنَّ الرَّؤوفَ عن العشَّاقِ قد صفَحا

قبّلهُ شوقا وعانق حضنه وطنًا

للحبِّ وزنٌ على كفِّ النهى رجَحا

فلا تَكُنْ عن نداءِ الحبِّ في صممٍ

مَن ضيَّعَ الحبَّ في دنياه ما ربِحا

يمسِي كمَن هامَ في بِيدٍ على ظمإٍ

وطرفُهُ لعيون الماء ما لمَحا

فالجُودُ أَقسَمَ وحيًا مِن سنابِلِهِ

بالحبِّ دارَت على قمحِ الفقيرِ رَحى

بالحبِّ يُشفى عليلٌ لا شفاء لهُ

كأنَّ عيسى على اضلاعه مسَحا

والحبُّ يجعلُ ثغرَ الأرضِ مُبتَسِمًا

ووجهَها برداءِ النُّورِ مُتَّشِحا

اللهُ يُعطِي لِمَن يَرضَى محَبَّتَهُ

والأرضَ مِن بعدِ نورِ العاشقينَ دحا

عقيل الساعدي