‏برقيةٌ لخيمةِ الوداع

من البحر الكامل التام

2/4/20251 min read

ناءٍ هواكَ

وفي سواكَ تُعذَّبُ

وأَساكَ لا أمٌّ تراكَ ولا أبُ

في الحُبِّ يذبحُكَ المخيَّمُ

كلَّما ولَّيتَ شطرَ القلبِ جاءَكَ يندبُ

تهوى، بقدرِ نزيفِكَ اليوميِّ

مَن تهوَى؟ بلادًا حزنُها متقلِّبُ

نخبُ استراحتِها

دماؤكَ، زادُها صرخاتُ أمٍّ ردَّدَت هيّا اهرُبوا

في الّليلِ أخطأتُ البكاءَ

فصحَّحَت لي الدّمعَ أرضٌ تستغيثُ وتغضبُ

جثتِ الرّياحُ على مداخلِ خوفِها

ورجَت عيالَ الضّوءِ ألّا يذهبوا

لا يَعرفُ العشّاقُ أينَ لقاؤُهم

وأنا على ذاتِ الخُطَى أتغربُ

أهلي الطّبيعيونَ لم يَغنَوا

فما نفعُ المُنَى وحظوظُهم تتثعلَبُ

يا كأسُ لا تمزِج دموعَكَ بي فبي

مِن شدَّةِ الأحزانِ ما لا يُسكَبُ

أنا شاعرٌ شربَ الشّحوبُ ربيعَهُ

فاختارَهُ المنفى مسيحًا يُصلَبُ

ولدِي هو المفتاحُ

بنتي حارةٌ مهجورةٌ جدًّا

فلا تتعجّبُوا

أبناءُ عائلتي الضّحايا كلُّهم

وأنا العزاءُ فجيعتي لا تَكذبُ

ستقولُ أرملةٌ لثوبِ وداعِهِ

إنَّ الفراقَ هو العدوُّ المُرعِبُ

سينوحُ طفلٌ ما

ولم يعرف مكانَ أبيهِ

يا قبرُ اكتشافُكَ أصعَبُ

ستبوحُ ثكلَى

بالسُّكوتِ لذاتِها

عن رغبةٍ في بالِها تتقلَّبُ

أنَّ الفتى زينَ الشَّبابِ مضى ولا

معنى لدنيا بعدَهُ تتقرَّبُ

يا موتُ يا مسكينُ

مظلومونَ في هذي الحياةِ

فمن تراهُ سيعتِبُ

الآدميُّونَ الذينَ دعَوكَ

لم يرعَوا سكينتَكَ التي تتأدَّبُ

هم يُكرِهونَكَ كي تذوقَ عشاءَهم

طبخوا لنا السُّمَّ الذي ما جرَّبوا

الموتُ مظلومٌ

بشرعِ الطِّينِ لم يختَر فواجعَنا

وذلك أغرَبُ

والحبُّ مشنوقٌ

على شرفاتِنا، والغدرُ سلطانًا عليهِ مُنصَّبُ

يا خيمةَ الجرحى

رجوتُكِ دوِّني أوجاعَنا

فضميرُنا متصلِّبُ

قد يملِكُ المقهورُ حقَّ صراخِهِ

والغدرُ يشمتُ مِن صداهُ ويَطرَبُ

والمتعَبونَ غناؤُهم وحنينُهم

في بُحَّةِ الزّيتونِ جذعٌ طيِّبُ

يا أرضُ أعطي الطّيّبينَ أمومةً

بيضاءَ لا تفنَى فصدرُكِ أرحَبُ

يحتاجُهُ الشّهداءُ حتى يرجِعُوا

مثلَ اليمامِ ونزفُهُم يتخضَّبُ

ماتوا لأجلِكِ مرّتينِ وبعدُ لم

يجدُوا القصيدةَ تَستحِقُّ ليُكتَبُوا

‏مصطفى مطر

شاعر وصحفي فلسطيني